«إرادة الحياة» للشابي: النشيد الوطني من شاعر لم تمهله الحياة
تم النشر7 years ago
«خُلقتَ طليقاً كطيف النسيم وحراً كنور الضحى في سماه. تغرد كالطير أنّى انطلقت وتشدو بما شاء وحي الإله». في أقل من عشرين كلمة هنا، تمكن شاعر شاب ذات يوم من أن يعلن برنامج حرية متكاملاً. برنامج حرية يرتبط مباشرة بالطبيعة ليبدو كأنه ترجمة، على سبيل المثل، لمبدأ سبينوزا في الحرية والفرح والحياة، وفي الألوهية أيضاً. كان الشاعر تونسياً وربما لا نكون في حاجة هنا الى التذكير باسمه، فأبو القاسم الشابي ربما يكون واحداً من أشهر الشعراء العرب، وربما تعود شهرته، على أي حال، الى قصيدة وحيدة هي بالتأكيد غير تلك التي افتتحنا بها هذا الكلام. فهل ثمة في دنيا العرب من لا يعرف قصيدته «إرادة الحياة» التي أضحت مع مرور السنين، ولكن بخاصة منذ ثورة الياسمين التونسية، أشبه بنشيد وطني عربي يتغنى به الشباب في معركتهم ليس فقط ضد الديكتاتوريين ومستعبدي البشر، ولكن بخاصة ضد الظلمات؟ وهل ثمة بين الجديين من المنشدين العرب من لم يغنّ أو يحلم بأن يغني تلك الأبيات العابقة بالتفاؤل وحب الحرية وحب الحياة، داعية الى اتكال الشعوب على نفسها، واعدة إياهم بأن القدر سوف يستجيب إن هم أرادوا الحياة
> مهما يكن، لا بد أن نذكر أن ديوان الشابي لم ينشر خلال حياته، فهو عجز في أعوام عمره الأخيرة عن جمع الاكتتابات اللازمة لطباعة الديوان، فاكتفى بأن ينسخ العديد من النسخ بيده، وكان يوزعها على أصدقائه. وهو حين رحل كانت كل كتاباته موزعة في الصحف والمجلات، ولا يزال بعضها، حتى اليوم، في حاجة الى من يقوم بجمعه ونشره وتحقيقه